الجنة واهل الجنان
يا خاطب الحور الحسان وطالبا*** لوصالهن بجنة الحيوان

لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ***ـت بذلت ما تحوي من الأثمان

أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ***ـت السعي منك لها على الأجفان

ولقد وصفت طريق مسكنها فان*** رمت الوصال فلا تكن بالواني

أسرع وحدث السير جهدك انما*** مسراك هذا ساعة لزمان

فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ***ـذل مهرها ما دمت ذا امكان

واجعل صيامك قبل لقياها ويو***م الوصل يوم الفطر من رمضان

واجعل نعوت جمالها الحادي وسر*** تلقي المخاوف وهي ذات أمان




لا يلهينك منزل لعبت به*** أيدي البلا من سالف الأزمان

فقد ترحل عنه كل مسرة*** وتبدلت بالهم والأحزان

سجن يضيق بصاحب الايمان لـ***ـكن جنّة الماوى لذي الكفران

سكانها أهل الجهالة والبطا***لة والسفاهة أنجس السكان

وألذهم عيشا فأجلهم بحق الله ثم حقائق القرآن
عمرت بهم هذي الديار وأقفرت*** منخم ربوع العلم والايمان

قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ***ـفاني على الجنات والرضوان

صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم*** ورضوا بكل مذلة وهوان

كدحا وكدا لا يفتر عنهم*** ما فيه من غم ومن أحزان

والله لو شاهدت هاتيك الصدو***ر رأيتها كمراجل النيران

ووقودها الشهوات والحسرات والآ***لام لا تخبو مدى الأزمان

أبدانهم أجداث هاتيك النفو***س اللائي قد قبرت مع الأبدان

أرواحهم في وحشة وجسومهم*** في كدحها لا في رضا الرحمن

هربوا من الرق الذي خلقوا له*** فبلو ربق النفس والشيطان

لا ترض ما اختاروه هم لنوفسهم*** فقد ارتضوا بالذل والحرمان

لو سارت الدنيا جناح بعوضة*** لم يسق منها الرب ذو الكفران

لكنها والله أحقر عنده*** من ذا الجناح القاصر الطيران

ولقد تولت بعد عن أصحابها*** فالسعد منها حل بالدبران

لا يرتجي منها الوفاء لصبها*** أين الوفا من غادر خوان

طبعت على كدر فكيف ينالها***صفو أهذا قط في الامكان

ياعاشق الدنيا تأهب للذي*** قد ناله العشاق كل زمان

أو ماسمعت بل رأيت مصارع الـ*** ـعشاق من شيب ومن شبان


قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان

فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا***نسان كالنغمات بالأوزان

يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان

أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان

واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان

واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان

واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان

واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان

ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان

نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان

لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان

طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو ممأخوذ حظنا لفظان

في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني

ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان

نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان

لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان

إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان

والله أن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان

والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الاشراك بالرحمن

فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا واخلاصا مع الاحسان

فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان

حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان

ثقل الكتاب عليهملما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان

واللهو خف عليهم ولما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان

قوت النفوس وانما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان

ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والصبيان والنسوان

وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان

يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
تطوير للذاكرين والذاكرات
مدونة المعتصم بالله لغنج © 2012